التسعينات: صيف 1994
ملخص المكتوب: من الرسائل بيني وبين سهى عن التسعينات

من يتذكّر التسعينات؟ هي تلك الحقبة الجميلة نسبيّاً، خصوصاً وأنّ بيروت كانت قد انتقلت من زمن الحرب إلى زمن الهدنة المؤقتة. هي الفترة التي حدث فيها الكثير من التغيّرات، وكانت لها ثقافتها الخاصة، ورغم ذلك بقيت تلك الحقبة في الظل، وذلك يتجلى على صعيد الثقافة والفنون إذ انّها تتناول دائماً الحرب الأهليّة (1975-1990)، ولم تأخذ التسعينات حيّزها من الأدب والفنون، لذا نقوم، انا وصديقتي الكاتبة سهى عوّاد بتناول هذه الفترة على طريقتنا الخاصة من خلال الكتابة عن الاحداث الشخصيّة، الأمكنة، والجو العام الذي كان سائداً حينها.
هذا النص الأوّل من محاولة متواضعة، قد يليه نصوص اخرى إن كانت التعليقات مشجّعة، وقد يكون النص الأخير إذا ما لم نستطع تقديم الجديد.
***
سهى
في صيف عام 1994، راجت أغنية “مين حبيبي أنا” لنوال الزغبي و وائل كفوري، كنت أشاهد الفيديو كليب على التلفزيون بينما تسرح لي أمي شعري بمشطها الأحمر الكبير. لا زالت تملكه على فكرة. كنت واقفة بقميصي الزهري الصيفي، ابنة التاسعة أحاول أن أردد الأغنية. أنهت أمي من تحضير أخي وأختي قبيل زيارتنا التاريخية إلى بيروت. هذه كانت أول زيارة لي لعاصمة بلدي الصغير. في التسع السنوات الأولى من حياتي لم تتخطى تنقلاتي جونيه جنوبًا وشكا شمالا. مشكلة بهذا حدود جغرافية للعائلة ضمن حدود الغيتو المسيحي الذي كنا نسكنه.
هاني
هو الصيف الأوّل بعد رحيل جدّي الذي لم يترك لي سوى راديو قديم، ساعة قديمة بسلسلة فضيّة، ومئتين وخمسين ليرة تركها لي تحت مخدته (إضافة لمئتين وخمسين لأخي). أذكر الأشهر الاخيرة له، كان يستيقظ كل صباح ليقوم بعمله البسيط. كان لديه “بسطة” صغيرة تحت جسر الكولا. يبيع الدخان والشوكولا. وكل صباح عندما نتحضّر للذهاب إلى المدرسة، كان يضع لي لوح الشوكولا على الثريّا، ويحملني لالتقطه. كنت استمتع بذلك.